Monday, May 7, 2012

أسامة عبد الفتاح يكتب:

المطلوب لمواجهة هجمة الفاشية الدينية على الإبداع

** المخطط أكبر من قضايا ضد عادل إمام أو غيره من الفنانين.. ويستهدف الوطن نفسه

** لابد من مادة في الدستور الجديد لحماية حرية الإبداع بوضوح وبشكل قاطع لا يقبل التأويل

لم يعد السكوت ممكنا أو مقبولا بعد أن كشرت الفاشية الدينية عن أنيابها لتلتهم كعكة مصر ما بعد الثورة وحدها، وتفرض على جميع المصريين نمطا واحدا في التفكير والسلوك - وحتى في الشكل - يقوم على مبدأ السمع والطاعة من دون إعمال العقل، ويعتمد ثقافة الجهل والخرافات والغيبيات، ويميل إلى التطرف والغلو.. لم تعد بيانات الشجب والإدانة تكفي لمواجهة الخطر الداهم الذي يهدد بالقضاء على مصر كوطن حر متفتح متعدد الثقافات والحضارات والديانات، وينذر بتحويلها إلى إمارة ملالي مغلقة ومنغلقة على غرار إيران أو أفغانستان.

في الأسبوع الماضي، توالى ظهور نتائج "المجهود الكبير" الذي بذله "الجناح القضائي" للفاشيين الجدد خلال الشهور الماضية لإعادة دعاوى الحسبة إلى حياتنا، وإقامة محاكم تفتيش مصرية على الأفكار والضمائر لإسكات أي صوت حر مختلف عن "الكورال المتأسلم" المراد ألا نسمع غيره، وقطع ألسنة المبدعين لأن أعمالهم من الممكن أن تبصر الناس بالحقيقة وتنير لهم الطريق.. فقد أيدت محكمة مصرية، الثلاثاء الماضي، الحكم بحبس الفنان عادل إمام لاتهامه بازدراء الإسلام والتهكم عليه في بعض أعماله الفنية.. وبعد أقل من 48 ساعة، الخميس الماضي، رفضت محكمة أخرى دعوى مماثلة ضد إمام وعدد من صناع أفلامه.

وبعيدا عن تفاصيل الدعويين، من الواضح تماما أن المخطط أكبر من مجرد قضايا تستهدف الفنانين، وأنه يستهدف الوطن نفسه، وله - إلى جانب "الجناح القضائي" - عدة مخالب وأجنحة، منها "الجناح التشريعي"، الذي ينشط بدوره في مجلس الشعب هذه الأيام لتمرير مجموعة من القوانين العجيبة التي من شأنها تقويض حريات الرأي والتعبير والإبداع، وسنتحدث عنها في هذا المكان في حينها.

تساؤل في محله

وأعجبتني للغاية حيثيات محكمة جنح العجوزة في رفض الدعوى الثانية، حيث فندت المحكمة كل ما نسب لعادل إمام وغيره من الفنانين، مشددة على أن "حرية الرأي والتعبير من أهم مقومات النظم الديمقراطية وأن الانتقاص منها انتقاص من الحكم الديمقراطي السليم". وأضافت أن "توجيه الانتقادات لأي تيار فكري غير مجرّم وأن بعض المتشددين يصرون على تنصيب أنفسهم أوصياء وحراساً ومدافعين عن العقيدة ضد الأخطار". ومن أهم ما جاء في هذه الحيثيات، التساؤل الذي أطلقته المحكمة قائلة: "على فرض أن تلك الأعمال الفنية تتناقض مع فهم البعض للعقيدة، فهل معني ذلك أن يختزل الدين في فهمهم وتأويلهم؟ لماذا صوروا ما جاء في الأعمال الفنية على أنه خطر على العقيدة وهو في الحقيقة خطر على فهمهم وتأويلاتهم؟ الدين والعقيدة في نفوس المصريين كشعب متدين أقوى من أن يهددهما عمل فني، لكن ضعف موقفهم المستمد من الظلام والجهل هو الذي صور لهم ذلك". وردت المحكمة على ادعاء المحامي مقيم الدعوي بأن الأعمال الفنية التي أقام دعواه ضدها انطوت على ازدراء الدين الإسلامي وتحقير المسلمين عموما والجماعات الإسلامية والإخوان المسلمين على وجه الخصوص، بأنه يجب التفرقة بين الدين والفكر الديني من جهة وبين ما هو مقدس وما هو غير مقدس. وفندت ادعاءات المدعي بأن العمل الفني يتضمن ازدراء للدين الإسلامي، وقالت عن استخدام لحن أنشودة أسماء الله الحسني في مسرحية "الزعيم" إنه من المعلوم أن اللحن الموسيقي عمل فني من وضع البشر وليس من الدين في شيء.

خطأ فادح

وحول تقليد الفنان عادل إمام للشيخ الشعراوي في فيلم "الواد محروس بتاع الوزير"، أكدت المحكمة أنه من الخطأ الفادح إضفاء صفة القداسة الدينية على رجال الدين أو على فكرهم.. وعن قول الفنان: "كيف أرشي الله؟" في فيلم"مرجان أحمد مرجان"، لم تر المحكمة في ذلك تطاولا على الذات الإلهية في شيء، حيث إنه سؤال استنكاري لعدم إمكانية حدوث ذلك، ولا يوجد ما يمنع من إظهار شخصية لا تؤمن بالله في عمل فني لأن المجتمع به مؤمنون وغير مؤمنين. وعن الادعاء بأن الأعمال الفنية بها تحقير للمسلمين عموما والجماعات والإخوان خصوصا، حيث تهكم عادل إمام علي هيئة وزي الملتحين والمنقبات في فيلمي "مرجان أحمد مرجان" و"الإرهابي"، أكدت المحكمة أن هذا من أمور السياسة ولا حصانة لها من النقد، خاصة أن الإخوان والجماعات أصبحت طرفا في المنظومة السياسية للبلاد وأنشأت أحزابا سياسية اشتركت بالفعل في الصراع السياسي، والنقد هنا للجماعات الإسلامية وليس للنقاب أو اللحية، وهو من منطلق الانتقاد الاجتماعي ومعالجة القضية الحيوية التي تتناولها أعمال فنية كثيرة. ويلفت النظر في الحيثيات، بعدها الثقافي إن جاز القول، حيث نصت على أن الأعمال الفنية من خيال المبدع ولا عقاب على خيال، كما استشهدت بأقوال وأفكار علماء الإسلام، كالإمام محمد عبده ومنهج ابن رشد وجمال الدين الأفغاني والإمام أبو حامد الغزالي، وببعض الأعمال الأدبية التي عالجت قضية الهوية مثل "قنديل أم هاشم" ليحيى حقي و"عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم و"موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح.

غضب عارم

وبقدر ما رحب المثقفون برفض الدعوى الثانية، وردد عدد من الفنانين هتافات مثل "حرية حرية.. يسقط يسقط حكم المرشد" عقب النطق بالحكم، بقدر ما أثار الحكم بحبس عادل إمام موجة غضب عارمة بين المبدعين خوفا على حريتهم وحقوقهم.. وأصدرت عدة هيئات وجمعيات ثقافية وحقوقية بيانات لإدانة الهجمة على الإبداع، ومنها جبهة الإبداع المصري، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وجمعية نقاد السينما المصريين.. كما أعلنت نقابتا الممثلين والسينمائيين وقوفهما وراء عادل إمام ووراء كل الفنانين والمبدعين ممن يمثلون أمام القضاء في قضايا مماثلة.

وتخطت ردود الفعل حدود مصر، حيث نددت منظمة العفو الدولية بالحكم، وقالت إنه يوجه رسالة مفادها أن مصر لم تتنازل عن إرث عهد الرئيس السابق حسنى مبارك في مجال حرية التعبير.. وأكدت - في بيان - "أن عادل إمام وصناع الأفلام التي مثل فيها والتي تم على أساسها رفع القضية، يجب ألا يعاقبوا لتعبيرهم عن الرأي بشكل سلمي". وتركزت بيانات الهيئات والجمعيات الأهلية، وتصريحات المسئولين عنها، على أن نزع أي جزء من مكونات الأعمال الفنية من سياقها والحكم عليه منفرداً، يعتبر إخلالاً بها وتعاملاً معها بمنطق "ولا تقربوا الصلاة"، وأن حرية الفنان – اتفقنا أو اختلفنا معه سياسياً – تبقى الأصل الذي يجمعنا ويوحدنا ويدفعنا لخوض معارك ندافع فيها عن حق الفنان فى أن يعبر، ولا يمكن أن تكون وسائل مراجعة المبدع قمعية بأي شكل من الأشكال.. كما رأت في هذا النوع من القضايا خروجاً عن السياق الوطني العام، واعتداء على حريات كفلتها للإنسان كافة الشرائع السماوية والدساتير الإنسانية.

ضربة موجعة واتفقت جموع المثقفين والمبدعين على أن هذا الاتجاه الخطير يشكل ضربة موجعة لحرية التعبير وحرية الإبداع، ويفتح الباب أمام المحتسبين لرفع المزيد من قضايا الحسبة الدينية والسياسية وفرض نوع جديد من الرقابة على الإبداع غير ذلك الذي حدده القانون من دون أن يكون لهم أي صفة أو مصلحة.. ولفتت إلى أن القانون المصري واللوائح المنظمة للأعمال الفنية حددت الطرق التي يجب أن تمر بها هذه الأعمال قبل عرضها على الجمهور، ومنها جهاز الرقابة الذي وافق عليها وسمح بتنفيذها، ويقوم التليفزيون المصري بعرضها منذ أكثر من 15 عاما، وليس من المنطقي أن يعاقب صناعها الآن رغم مرورها بكل تلك المراحل.

شخصيا لي رأي واضح ومنشور منذ سنوات في عادل إمام وأعماله، وأختلف معه سياسيا وفنيا، لكنني مستعد أن أدفع حياتي ثمنا لحصوله - وغيره من المبدعين - على حريتهم وحقهم في التعبير وإبداء الرأي.. وأرى أن كل أشكال الإدانة والاحتجاج لا تكفي لمواجهة الفاشية الدينية والمتأسلمين، وأنه لابد من إصدار تشريع يحمي الفكر والفن وأهلهما من الملاحقة القضائية على أساس ديني أو أخلاقي، خاصة بعد تكرار هذه القضايا التي تعود بالمجتمع إلى العصور الوسطى، بل لابد من مادة في الدستور الجديد المزمع إصداره لحماية حرية الإبداع بوضوح وبشكل قاطع لا يقبل التأويل.. فهل تستجيب التأسيسية، أي تأسيسية؟

أسامة عبد الفتاح يكتب:

نادي "كان" السينمائي يشرك كل لاعبيه الكبار

** كياروستامي ولوتش وهانيكي وكروننبرج وأكين وفينتربرج في قوائم "الاختيارات الرسمية" كالعادة

** تأكيد انفراد "القاهرة" منذ أسبوعين باشتراك مصر في المسابقة الرسمية بفيلم يسري نصر الله

تكشف قراءة قوائم "الاختيارات الرسمية" للدورة الخامسة والستين من مهرجان "كان" السينمائي الدولي، والتي أعلنت الخميس الماضي، أن المهرجان الأهم والأشهر في العالم - المقرر إقامته من 16 إلى 27 مايو المقبل متأخرا عن موعده الأصلي أسبوعا بسبب ظروف انتخابات الرئاسة الفرنسية - ما زال يمضي قدما في طريق التحول إلى "ناد" شبه مغلق لا يدخله أو يتمتع بخدماته سوى عدد محدود ومعروف من "الأعضاء"، أو المخرجين، الذين أكاد أن أجزم أن أفلامهم يتم اختيارها قبل مشاهدتها وقبل حتى أن ينتهي تنفيذها.. وإذا لم يكن لهؤلاء "الأعضاء" أفلام، يتم ترشيحهم للجان تحكيم المهرجان المختلفة - كما حدث هذا العام مع عضو النادي القديم المخرج الإيطالي ناني موريتي، الذي اختير لرئاسة لجنة التحكيم الرئيسية - أو يجري تكليفهم بإلقاء "درس السينما" على رواد المهرجان، أو بأي نشاط آخر، المهم أن يكونوا موجودين!

وتوضح قوائم الاختيارات أن مسئولي المهرجان قرروا أن يلعبوا هذا العام بكل أوراقهم المتاحة، ويشركوا كل لاعبيهم الكبار، خاصة أنهم يرون أن الوصول إلى الدورة رقم 65 أمر يستحق الاحتفال، واختاروا من أجله "تورتة" في أفيش المهرجان تطفئ شمعتها نجمة هوليوود الأشهر عير التاريخ مارلين مونرو، بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيلها، التي تحل في أغسطس المقبل.. ومن بين أعضاء نادي "كان" الذين كشف المهرجان عن اشتراكهم هذا العام في الأقسام الرسمية، المخرجون الكبار عباس كياروستامي وكين لوتش ومايكل هانيكي وديفيد كروننبرج وفاتح أكين وتوماس فينتربرج.

وتأكيدا لانفراد "القاهرة" في هذا المكان قبل أسبوعين - بالعدد رقم 618 الصادر في 10 أبريل 2012 - أعلن مهرجان "كان" عن مشاركة المخرج الكبير يسري نصر الله في المسابقة الرسمية بفيلمه الجديد "بعد الموقعة"، الذي يحمل كذلك اسم "ريم ومحمود وفاطمة"، في أول مشاركة مصرية منذ 15 عاما، حين خاض المخرج الكبير يوسف شاهين المسابقة عام 1997 بفيلمه "المصير".

تجربة فريدة

نصر الله هو الاسم العربي الوحيد في المسابقة، وفي الأقسام الرسمية بشكل عام، باستثناء مشاركة المخرج الفرنسي من أصل مغربي، نبيل عيوش، في قسم "نظرة ما" بفيلم "خيول الرب".. و"بعد الموقعة"، أي بعد

الثورة، تجربة فريدة كما وصفه مخرجه في العديد من التصريحات الصحفية والتليفزيونية، حيث لم يكن هناك سيناريو مسبق بالمعنى المفهوم، بل خمس ورقات فقط، وقرر نصر الله الكتابة والإخراج تدريجيا والتعديل المستمر مع تطور الأحداث، بين الاستفتاء على التعديلات الدستورية، الذي أجري في 19 مارس 2011، والانتخابات التشريعية التي انطلقت 28 نوفمبر من نفس العام.

يتتبع الفيلم 5 شخصيات أساسية: "ريم" (منة شلبي)، وهي ناشطة سياسية تعمل في إحدى شركات الإعلانات، ولكنها تواجه مشكلة في عملها عندما تقرر الشركة تنفيذ حملة للتوعية من خلال الاستعانة بكومبارس.. بينما يجسد باسم سمرة دور "محمود"، وهو فقير متزوج من "فاطمة" (ناهد السباعي) ولديهما طفلان، ويمثلان الطبقة الفقيرة أو المعدومة التي تعانى في البحث عن قوت يومها.. والشخصية الرابعة سيدة تهتم بحقوق الحيوان (فيدرا)، وعندما تنغمس في الواقع تكتشف أن الإنسان لم يحصل على أدنى حقوقه.. أما الشخصية الأخيرة فهي ناشطة سياسية تجسد دورها سلوى محمد علي.

ويتنقل الفيلم بين ميدان التحرير ونزلة السمان وأماكن أخرى، وكان من المفترض أن ينتهي تصويره في نوفمبر الماضي، مع الانتخابات الرئاسية وفقاً للخطة التي أعلنها المجلس العسكري في فبراير 2011، إلا أن تأخر الأمر حتى ميعاد جديد في يونيو المقبل، جعل أحداث الفيلم تنتهي مع "مليونية الفرصة الأخيرة" التي شهدها ميدان التحرير يوم الجمعة 25 نوفمبر الماضي.. وقال نصر الله إنه صور الفيلم بكاميرا ARRI ALEXA ديجيتال فائقة الجودة، وأجرى عمليات ما بعد التصوير في معامل فرنسا.



مادة الأفلام



قدم نصر الله فيلمين - حتى الآن - عن الثورة، أحدهما قصير والآخر طويل، بعكس سينمائيين كثيرين يرون أن الوقت لم يحن بعد لتقديم فيلم حقيقي عما حدث في مصر بدءا من 25 يناير 2011، وعن ذلك قال: "أعتقد أن السينما الروائية الطويلة تعاني بشكل عام من أزمة وارتباك وعدم استقرار، والأفلام التي عرضت - سواء قبل الثورة أو بعدها - واجهت ظروفا صعبة، وهناك من يفكر بمنطق أن الوقت مازال مبكرا على تقديم أفلام عن الثورة وأننا نحتاج أن نعرف (راسنا من رجلينا)، رغم أن هناك حالة تجعل أي شخص منفعلاً وهذا الانفعال هو المادة التي عادة تقدم من خلالها الأفلام" .

وأضاف أن الأفلام التي قدمت عن الثورة ربما لم تكن على مستوى الحدث لأننا كمواطنين لم نكن على مستواه المليء بالتعقيدات والأسئلة، مشيرا إلى أن ثورة 25 يناير لا تحتاج إلى فيلم مثل "رد قلبي"، الذي قدم عن ثورة يوليو، أو أفلام حرب أكتوبر التي ليس من بينها عمل يعبر عن ذلك الانتصار العظيم . وقال: "كلمة (لسه بدري) على تقديم فيلم عن الثورة تجعلني أشعر كما لو أننا عاجزون، ولا يصح أن أكون منفعلا بحالة ولدى صور ومشاعر وأشخاص حقيقيون وأحداث وكل هذه (اللخبطة) الموجودة والتي تعتبر المادة الخام للفن ولا أقدمها في فيلم.. إذا لم أقدم فيلما وأنا منفعل، فمتى سأقدمه؟" .

والمعروف أن نصر الله له العديد من المشاركات السابقة في مهرجان "كان"، أبرزها عرض فيلمه "سرقات صيفية" في قسم "نصف شهر المخرجين" عام 1988، وفيلمه الكبير "باب الشمس" خارج المسابقة عام 2004، بالإضافة لإخراجه أحد الأجزاء العشرة لفيلم "18 يوما"، الذي عرضه مهرجان "كان" العام الماضي في إطار برنامج تكريم مصر بعد ثورة 25 يناير.



مملكة طلوع القمر

واختير فيلم "مملكة طلوع القمر"، المشارك في المسابقة الرسمية، لافتتاح مهرجان "كان" هذا العام، وهو من إخراج ويس أندرسون الذي شارك في كتابة السيناريو مع رومان كوبولا، نجل المخرج الشهير فرانسيس فورد كوبولا.. وتدور قصته في ستينيات القرن الماضي، حول شابين عاشقين يهربان من ديارهما بحثا عن حياة جديدة صاخبة. ويبدأ عرض الفيلم بدور العرض الفرنسية في نفس تاريخ عرضه بالمهرجان. أما في الختام، فيعرض - خارج المسابقة - فيلم "تريز ديسكيرو"، آخر أعمال المخرج الفرنسي الكبير الراحل كلود ميلر، الذي غيبه الموت في الرابع من أبريل الحالي.

إلى جانب "بعد الموقعة" وفيلم الافتتاح، يشارك في المسابقة الرسمية 20 فيلما، أبرزها: "كوزموبوليس" للكندي ديفيد كروننبرج، و"حب" للنمساوي مايكل هانيكي، و"مثل شخص يحب" للإيراني عباس كياروستامي، و"نصيب الملائكة" للبريطاني كين لوتش، و"المطاردة" للدنماركي توماس فينتربرج.

ويعرض في قسم "نظرة ما" 17 فيلما من بينها فيلم عيوش، وفي قسم "خارج المسابقة" ثلاثة أفلام، أهمها "أنت وأنا" للمخرج الإيطالي الكبير برناردو برتولوتشي، وفي عروض منتصف الليل فيلمان، وفي قسم "عروض خاصة" ثمانية أفلام، أبرزها "الجنة الملوثة" للألماني من أصل تركي فاتح أكين.. وبمناسبة الدورة الخامسة والستين، يعرض الفيلم التسجيلي "يوم خاص" (53 ق)، الذي صنعه رئيس المهرجان، جيل جاكوب، بنفسه بالاشتراك مع صامويل فور، ويدور حول كواليس مهرجان "كان"، خاصة في دورته الستين

Tuesday, April 17, 2012


أسامة عبد الفتاح يكتب:

احتفال "ثلاثي الأبعاد" بمئوية "تايتانيك"

** 300 مصمم جرافيك و750 ألف ساعة عمل لصناعة نسخة جديدة (3D) من الفيلم

** سحر الفيلم كما هو رغم مرور 15 عاما على إنتاجه.. ونجاح عرضه بالقاهرة خير دليل

حلت أمس الأول، الأحد 15 أبريل 2012، الذكرى المئوية لغرق السفينة "تايتانيك"، أشهر كارثة بحرية في تاريخ البشرية الحديث.. وفي الوقت الذي أعادت فيه وسائل الإعلام الدولية التفاصيل الدقيقة للكارثة إلى الأذهان، لاقت المناسبة ما تستحقه من اهتمام واحتفال على جميع المستويات في العديد من أنحاء العالم.. وأكثر ما يهمني في هذه الاحتفالات، إعادة طرح فيلم "تايتانيك"، للمخرج الكندي جيمس كاميرون، في دور العرض حول العالم بنسخ جديدة ثلاثية الأبعاد (3D)، في استثمار واضح للنجاح المدوي الذي حققه الفيلم لدى عرضه لأول مرة عام 1997، وفي استغلال ذكي للمناسبة تحولت بسببه نسخة الفيلم الجديدة إلى أيقونة المئوية وحدثها الرئيسي.

وأشرف كاميرون على عملية تحويل الفيلم إلى 3D بنفسه، ومعه صديقه وشريكه المنتج جون لاندو، الذي عمل معه في "تايتانيك" وفي الكثير من الأفلام، وقال كاميرون عن التجربة: "تقنية ثلاثي الأبعاد لا تثري فقط مشاهد ولحظات غرق السفينة ومشاهد الأكشن، بل المشاهد العاطفية والدرامية، فقد رفعت الفيلم لمستوى آخر وجعلت الجمهور يشعر بالخطر والخوف على قصة حب البطلين طوال الوقت".

وحضر كاميرون أول عرض للنسخة الجديدة في لندن الأسبوع الماضي، وقال على هامش الاحتفال: "لقد عرضناه أمام الجمهور، وحصل على ردود أفعال جيدة. وهذا تقدير لجميع من عمل في الفيلم".. كما حضرت العرض بطلة الفيلم كيت وينسليت، وقالت - ردا على سؤال عما إذا كانت تتوقع أن تحقق النسخة ثلاثية الأبعاد من الفيلم نفس النجاح الذي حققته نسخته الأصلية: "إنه فيلم رائع.. هذا شيء أفخر به.. كما أن الناس ما زالوا يحبونه حتى اليوم، لذا أعتقد أنهم سيتابعون نسخته الجديدة".

جمهور جديد

ومن أجل تحويل الفيلم، الذي حقق أرباحاً تصل إلى 1.8 مليار دولار لدى عرضه الأول، إلى نسخة ثلاثية الأبعاد، استعان كاميرون بنحو 300 مصمم جرافيك، عملوا لأكثر من 750 ألف ساعة.. وقال أحد هؤلاء المصممين: "لقد صممناه لجمهور جديد يرغب في التعرف على تايتانيك على الشاشة الكبيرة. فالناس عادةً ما يعتقدون أن الأفلام ثلاثية الأبعاد ترتبط بالإثارة، بينما هي مرتبطة أساساً بالدراما، لأنها تحسن من تأثير اللحظات الحميمية".

أراد صناع الفيلم أن يعطوا فرصة لجيل القرن الحادي والعشرين لمشاهدة الفيلم في السينما، خاصة مع تقديمه بالخاصية التكنولوجية الجديدة، حيث سيجذب جمهورا جديدا بجانب الجمهور القديم للفيلم، وعن ذلك قال جون لاندو: "مأساة (تايتانيك) مازالت صالحة للعرض حتى الآن رغم مرور 15 عاما على العرض الأول، وإذا تم إنتاج فيلم عن الكارثة مرة أخرى، بالتأكيد سيقدم بتقنية 3D، لكن التكنولوجيا سمحت لنا بأن نحتفظ بفيلمنا الناجح ونعيده بشكل جديد ومختلف وكأنه نوع من الجائزة لي ولكاميرون".

عن نفسي، شاهدت النسخة الجديدة في إحدى دور عرض القاهرة الأسبوع الماضي، واندهشت من استمرار مفعول سحر الفيلم حتى الآن، ليس فقط لأنه عرض تجاريا قبل 15 عاما، ولكن أيضا لأنه عرض تليفزيونيا عشرات المرات، لكن يبدو أن هذا السحر لا يقاوم، وأن هناك بالفعل جيلا جديدا يتطلع لمشاهدته في السينما - خاصة بالنسخة الجديدة - بعد أن سمع الكثير عن أسطورة الفيلم والحدث معا.. فقد امتلأت قاعة العرض عن آخرها رغم أن الحفلة التي اخترتها كانت الواحدة ظهرا، وفي يوم عمل (الخميس الماضي)، وفي توقيت يستعد خلاله الطلاب لأداء امتحانات نهاية العام.. بل أن معظم الموجودين كانوا من الشباب والطلاب، وحدث أن ابنتي قالت لي - قبل بداية العرض - إنني أكبر الحاضرين سنا!

نوعية لا أفضلها

بشكل عام، لا أميل لمشاهدة الأفلام ثلاثية الأبعاد، لأنها ترتبط في الأغلب بنوعية سينمائية لا أفضلها تدور في فلك "الميتافيزيقي" و"الخزعبلي"، وتتميز بالأكشن والعنف المبالغ فيهما.. وأذكر أنني تعمدت مشاهدة فيلم "أفاتار"- وهو بالمناسبة لنفس المخرج، جيمس كاميرون - من دون ارتداء النظارة الخاصة بمشاهدة تلك الأفلام، لأنني كنت أقدر فكرته ورسالته لكن لم أكن أود تلقيه بتقنية الأبعاد الثلاثة.

وفيما يخص "تايتانيك"، الذي ارتديت من أجله النظارة هذه المرة، فقد شعرت في البداية بالغربة عندما قارنت ما أشاهده بالفيلم الأصلي، خاصة في مشاهد ما قبل أحداث الغرق، والتي لم تكن تحتاج - في رأيي - إلى هذه التقنية.. لكن بمرور الوقت، ومع بدء مشاهد الكارثة، زال الشعور بالغربة، وانطلقت في تلقي الفيلم مع نسيان النظارة والأبعاد الثلاثة.. وفي النهاية، أيقنت أن التقنية الجديدة أضافت بالفعل إلى "تايتانيك" ولم تنتقص شيئا من سحره أو تأثيره.

وفي إطار الاهتمام الدولي، أعلنت منظمة التربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، التابعة للأمم المتحدة، حماية حطام السفينة كتراث إنساني ضد عمليات التدمير والتخريب. وتقضي اتفاقية اليونسكو، التي دخلت عام 2009 حيز التنفيذ، بحماية التراث الحضاري الغارق تحت مياه البحار بعد مرور مائة عام على غرقه. ودعت المديرة العامة لمنظمة، إيرينا بوكوفا، الغواصين - في بيان صدر عنها - إلى عدم إلصاق أي معالم تذكارية على حطام "تايتانيك" أو تخزين مخلفات من أي نوع هناك. وأكدت أن هناك حطام آلاف القطع الأخرى تحت مياه البحار والمحيطات يجب فرض الحماية عليها، قائلة: "كل هذه القطع الغارقة نماذج أثرية تمثل قيمة علمية كبيرة، كما أنها تمثل ذكرى لفواجع بشرية تستوجب معاملة خلفياتها باحترام لائق".

استعادة الحدث

واحتفالا بالذكرى المئوية، نُظمت رحلة على متن سفينة بريطانية عصرية انطلقت في نفس يوم إبحار "تايتانيك" (10 أبريل)، وعلى نفس المسار الذي سلكته السفينة المنكوبة قبل قرن من الزمان، وشارك فيها أحفاد الضحايا. وارتدى البعض الملابس التي كانت سائدة عام 1912 من فراء وقبعات للنساء وحلل وقبعات مستديرة للرجال.. وركبوا السفينة من ميناء ساوثهامتون - على الساحل الجنوبي لبريطانيا - متجهين إلى نيويورك، الميناء الذي لم يقدر ل"تايتانيك" أن تصل إليه.. ووقف الركاب على السطح المكشوف من السفينة وأخذوا يلوحون لمودعيهم مقلدين أجدادهم تعيسي الحظ.

ودفع 1309 ركاب من 28 دولة 8 آلاف جنيه إسترليني في التذكرة الواحدة ليكونوا ضمن هذه الرحلة، التي حرص القائمون عليها على استعادة الأجواء التي كانت سائدة في ذلك الزمن، من الموسيقى إلى موائد العشاء الفاخرة، كما ألقى خبراء بحريون محاضرات عن "تايتانيك"، التي تم إدراجها ضمن قائمة التراث الإنساني.. وألقي أقارب الضحايا الورود في الميناء الذي أبحرت منه السفينة منذ مائة عام ووقفوا دقيقة صمت حدادا على أرواح الضحايا والبحارة، وخلال الحفل أطلق العاملون في الميناء صفارة السفينة التي تشبه تلك التي أطلقتها "تايتانيك" عند مغادرتها الميناء.

"تايتانيك" بنيت عام 1911 كرمز للثورة الصناعية، ووصفت وقتها بأنها أكبر وأفخم شيء متحرك صنعه الإنسان طوال تاريخه.. ورغم ذلك، فقد غرقت في أولى رحلاتها عبر المحيط الأطلنطي بين العالمين القديم والجديد، بعد أن اصطدمت بجبل جليدي قبل منتصف ليل 14 أبريل 1912، وهوت إلى أعماق المحيط بعد ذلك بنحو ساعتين وأربعين دقيقة فقط، في الساعات الأولى من يوم 15 أبريل 1912، في نهاية مأساوية لحياة أكثر من 1500 شخص من أصل أكثر من 2200 كانوا على متنها، حيث لم يتم إنقاذ سوى 706 أشخاص فقط، معظمهم من النساء والأطفال.

Tuesday, April 10, 2012


أسامة عبد الفتاح يكتب:

تسريبات "كان": مصر في المسابقة الرسمية أخيرا

** "بعد المعركة" ليسري نصر الله ينافس أفلام ماليك وأندرسون وكروننبرج على السعفة الذهبية

** خطأ فني يتسبب في نشر القائمة على موقع المهرجان لدقائق معدودة.. والإعلان الرسمي 19 أبريل

من المفترض أن يعلن مهرجان "كان" السينمائي الدولي رقم 65 (المقرر إقامته من 16 إلى 27 مايو 2012) عن الأفلام المشاركة في مسابقته الرسمية يوم 19 ابريل الحالي.. ورغم ذلك، فقد تسبب خطأ فني في نشر قائمة هذه الأفلام على الموقع الرسمي للمهرجان لدقائق معدودة منذ أيام، قبل الانتباه للخطأ ورفع القائمة من الموقع على الفور.. لكن تلك الدقائق كانت كافية لكي تلتقط إحدى مدونات المهرجان القائمة الثمينة وتنشرها، وتنقلها عنها العديد من المواقع الإلكترونية الدولية.



بالترتيب الأبجدي، جاء على رأس القائمة المسرّبة، التي لن تتأكد إلا بعد تسعة أيام ومن المحتمل أن تشهد بعض التعديلات، المخرج الكبير يسري نصر الله بفيلمه الجديد "بعد المعركة"، الذي يحمل كذلك اسم "ريم ومحمود وفاطمة"، في أول مشاركة مصرية بمسابقة "كان" الرسمية منذ 15 عاما، حين شارك المخرج الكبير يوسف شاهين في المسابقة عام 1997 بفيلمه "المصير"، وحصل في تلك الدورة - رقم 50 - على جائزة اليوبيل الذهبي للمهرجان عن مجمل أعماله.



نصر الله هو الاسم المصري والعربي والأفريقي الوحيد في القائمة، التي تضم 24 فيلما - وليس 20 كما هو معتاد، وكما كان الوضع العام الماضي - وتضم أيضا مجموعة من كبار مخرجي العالم الذين سيخوضون منافسة شرسة على السعفة الذهبية كعادة "كان" السنوية، ومنهم: تيرانس ماليك، الحائز على سعفة "كان" الذهبية العام الماضي عن فيلمه "شجرة الحياة"، والذي رشح عنه أيضا لأوسكار أحسن مخرج، وديفيد كروننبرج ومانويل دي أوليفيرا وبول توماس أندرسون، صاحب التحفتين "ماجنوليا" و"سيكون هناك دم"، الذي رشح عنه لجائزتي أوسكار أفضل مخرج وأحسن سيناريو عام 2007، وبارك شان ووك، الفائز بجائزة لجنة تحكيم "كان" عام 2009 عن فيلم "عطش".



24 فيلما



ونلاحظ في القائمة العودة الأمريكية القوية، والحضور الآسيوي الكبير، وبعض المفارقات الطريفة، ومنها أن هناك 80 عاما كاملة تفصل بين عمري أكبر المخرجين المشاركين، مانويل دي أوليفيرا (103 أعوام) وأصغرهم، زافييه دولان، الذي لا يتجاوز عمره 23 عاما.. وفيما يلي القائمة الكاملة:

- "بعد المعركة" ليسري نصر الله

- "البيت الكبير" للمخرج الإيطالي ماتيو جاروني

- "الدفن" للأمريكي تيرانس ماليك

- "كوزموبوليس" للكندي ديفيد كروننبرج

- "عن الصدأ والعظام" للفرنسي جاك أوديار

- "إليفانتي بيانكو" للأرجنتيني بابلو ترابيرو

- "جيبو والظلال" للبرتغالي مانويل دي أوليفيرا

- "المساء الكبير" للفرنسيين جوستاف كيرفرن وبينوا دوليبين

- "من الصعب أن تكون إلها" للروسي أليكسي جيرمان

- "في بلد آخر" للكوري الجنوبي هونج سانجسو

- "أرض الأمل" للياباني سونو سيون

- "لورانس في كل الأحوال" للكندي زافييه دولان

- "السيرة الذاتية لكاذب" للثلاثي البريطاني بيل جونز وجيف سيمسون وبن تيملت

- "اليد في اليد" للفرنسية فاليري دونزيللي

- "الأستاذ" للأمريكي بول توماس أندرسون

- "ميشيما" للياباني كوجي واكاماتسو

- "مملكة طلوع القمر" للأمريكي ويس أندرسون

- "لا" للتشيلي بابلو لارين

- "بياتزا فونتانا" للإيطالي ماركو توليو جيوردانا

- "حمامة وقفت على فرع شجرة تفكر في الوجود" للسويدي روي أندرسون

- "مكان خلف شجر الصنوبر" للأمريكي ديريك سيانفرانس

- "بروفيزوريو" للروماني كريستيان مونجيو

- "موسم الأموال" للإيراني بهمان جوبادي

- "الوقاد" للكوري الجنوبي بارك شان ووك



استحوذت أوروبا إذن على نصيب الأسد من أفلام مسابقة "كان" هذا العام، حيث أن هناك عشرة أفلام من دول هذه القارة، ويبدو ذلك منطقيا تماما في إطار أنها تستضيف المهرجان.. تليها أمريكا الشمالية بستة أفلام، وآسيا بخمسة، وأمريكا الجنوبية باثنين، فيما يمثل فيلم يسري نصر الله وحده مصر والوطن العربي وأفريقيا.



تاريخ طويل



نصر الله له العديد من المشاركات السابقة في مهرجان "كان"، أبرزها عرض فيلمه "سرقات صيفية" في قسم "نصف شهر المخرجين" عام 1988، وفيلمه الكبير "باب الشمس" خارج المسابقة عام 2004، بالإضافة لإخراجه أحد الأجزاء العشرة لفيلم "18 يوما"، الذي عرضه مهرجان "كان" العام الماضي في إطار برنامج تكريم مصر بعد ثورة 25 يناير.



"بعد المعركة"، أي بعد الثورة، تجربة فريدة كما وصفه مخرجه في العديد من التصريحات الصحفية والتليفزيونية، حيث لم يكن هناك سيناريو مسبق بالمعنى المفهوم، وصنعه يسري نصر الله في الفترة ما بين مايو وأكتوبر 2011، حيث قرر الكتابة والإخراج تدريجيا والتعديل المستمر مع تطور الأحداث، بين الاستفتاء على التعديلات الدستورية، الذي أجري في 19 مارس، والانتخابات التشريعية.

الفيلم شارك في كتابته عمر شامة، ويضم 5 شخصيات أساسية: "ريم" (منة شلبي)، وهي ناشطة سياسية تعمل في إحدى شركات الإعلانات، ولكنها تواجه مشكلة في عملها عندما تقرر الشركة تنفيذ حملة للتوعية من خلال الاستعانة بكومبارس.. بينما يجسد باسم سمرة دور "محمود"، وهو فقير متزوج من "فاطمة" (ناهد السباعي) ولديهما طفلان، ويمثلان الطبقة الفقيرة أو المعدومة التي تعانى في البحث عن قوت يومها.. والشخصية الرابعة سيدة تهتم بحقوق الحيوان (فيدرا)، وعندما تنغمس في الواقع تكتشف أن الإنسان لم يحصل على أدنى حقوقه.. أما الشخصية الأخيرة فهي ناشطة سياسية تجسد دورها سلوى محمد علي.

تم تصوير الفيلم بين ميدان التحرير ونزلة السمان، وكان من المفترض أن ينتهي في نوفمبر الماضي، مع الانتخابات الرئاسية، وفقاً للخطة التي أعلنها المجلس العسكري في فبراير 2011، إلا أن تأخر الأمر حتى ميعاد جديد في يونيو المقبل، جعل أحداث الفيلم تنتهي مع "مليونية الفرصة الأخيرة" التي شهدها ميدان التحرير يوم الجمعة 25 نوفمبر الماضي.. وقال نصر الله إنه صور الفيلم بكاميرا ARRI ALEXA ديجيتال فائقة الجودة، وأجرى عمليات ما بعد التصوير في معامل فرنسا.

سينما الثورة

وفي تصريحاته، شرح المخرج وجهة نظره في إخراج فيلمين - حتى الآن - عن الثورة، بعكس سينمائيين كثيرين يرون أن الوقت لم يحن بعد لتقديم فيلم حقيقي عما حدث في مصر بدءا من 25 يناير 2011، حيث قال: "أعتقد أن السينما الروائية الطويلة تعاني بشكل عام من أزمة وارتباك وعدم استقرار، والأفلام التي عرضت - سواء قبل الثورة أو بعدها - واجهت ظروفا صعبة، وهناك من يفكر بمنطق أن الوقت مازال مبكرا على تقديم أفلام عن الثورة وأننا نحتاج أن نعرف (راسنا من رجلينا)، رغم أن هناك حالة تجعل أي شخص منفعلاً وهذا الانفعال هو المادة التي عادة تقدم من خلالها الأفلام".

وأكد أن الأفلام التي قدمت عن الثورة ربما لم تكن على مستوى الحدث لأننا كمواطنين لم نكن على مستواه المليء بالتعقيدات والأسئلة، مشيرا إلى أن ثورة 25 يناير لا تحتاج إلى فيلم مثل "رد قلبي"، الذي قدم عن ثورة يوليو، أو أفلام حرب أكتوبر التي ليس من بينها عمل يعبر عن ذلك الانتصار العظيم. وقال: "كلمة (لسه بدري) على تقديم فيلم عن الثورة تجعلني أشعر كما لو أننا عاجزون، ولا يصح أن أكون منفعلا بحالة ولدى صور ومشاعر وأشخاص حقيقيون وأحداث وكل هذه (اللخبطة) الموجودة والتي تعتبر المادة الخام للفن ولا أقدمها في فيلم.. إذا لم أقدم فيلما وأنا منفعل، فمتى سأقدمه؟".

واختير فيلم "مملكة طلوع القمر"، المشارك في المسابقة الرسمية، لافتتاح مهرجان "كان" هذا العام، وهو من إخراج ويس أندرسون الذي شارك في كتابة السيناريو مع رومان كوبولا، نجل المخرج الشهير فرانسيس فورد كوبولا.. وتدور قصته في ستينيات القرن الماضي، حول شابين عاشقين يهربان من ديارهما بحثا عن حياة صاخبة. ويبدأ عرض الفيلم في صالات السينما الفرنسية في نفس تاريخ عرضه في المهرجان.

وأعلن منظمو المهرجان أن الفيلم، الذي يشارك في بطولته بروس ويليس وبيل موراي، يعد "قصة معذبة ومفاجئة للأطفال والبالغين في أيام عاصفة من صيف 1965". وقال المندوب العام للمهرجان تييري فريمو: "يعد ويس أندرسون إحدى القوى الصاعدة في السينما الأمريكية، فهو يدخل إليها لمسة شخصية للغاية، ولاسيما في فيلم مملكة طلوع القمر".



واختار "كان" ملكة الإغراء الأمريكية مارلين مونرو لتكون رمز المهرجان في 2012، احتفالا بالذكرى الخمسين لرحيلها، التي تحل في أغسطس المقبل، وبدورته الخامسة والستين، حيث تبدو أيقونة هوليوود - في صورة بالأبيض والأسود - وهي تطفئ شمعة في أفيش المهرجان. ويرأس لجنة التحكيم الرئيسية هذا العام المخرج الإيطالي الكبير ناني موريتي.

Monday, April 2, 2012


أسامة عبد الفتاح يكتب:

المركز القومي للسينما.. خطوات على الطريق الصحيح

** مشروع لتحويل "قاعة الوزير" إلى مركز عالمي للمهرجانات.. ووحدة لتسويق كنوز النيجاتيف غير المستخدمة

** خطط طموحة لإنشاء "سينماتيك" مصري بقصر الأمير طوسون ومتحف للسينما المصرية وقناة فضائية

ثلاثة شهور فقط قضاها المخرج مجدي أحمد علي رئيسا للمركز القومي للسينما، منذ تعيينه أواخر ديسمبر الماضي، كانت كفيلة بأن يشعر أي مراقب منصف أن المركز بدأ يخطو على الطريق الصحيح نحو أداء دوره المنشود في دعم صناعة السينما المصرية، ومساعدة مبدعيها، وحفظ تراثها، رغم ما يواجهه من مشكلات وصعوبات لا يمكن أن يتصورها أحد إلا بعد أن يقضي معه - كما فعلت - عدة ساعات في مكتبه، ويستمع إليه، ويشهد على الطبيعة ما يمكن أن تفعله البيروقراطية بأحلام المبدعين الرومانسيين.

قال مثلا إن هناك مشكلات بالجملة في ستوديو الأهرام، وإن ستوديو نحاس به شروخ ورشح مياه ومهدد بالانهيار، مما دفع موظفي المركز إلى مغادرته.. وأوضح أنه يحاول - بالتنسيق مع الدكتور خالد عبد الجليل، رئيس قطاع الإنتاج الثقافي - استرداد بعض المواقع لترميمها والعمل على تطويرها، في ظل صراع مرير عليها مع شركة مصر للصوت والضوء والسينما شمل حتى بعض الغرف التي يحتاجها لكي تعمل فيها إدارة الإنتاج السينمائي ووحدة أفلام التحريك، وأيضا لتسكين العمالة الزائدة التي يعاني منها، حيث أرسل له الجهاز الإداري مئات الموظفين وهو المثقل بالعمالة التي لا يجد لها عملا ولا حتى مكانا تجلس فيه.

وأضاف أنه استحدث وحدة جديدة للأفلام النيجاتيف غير المستخدمة من قبل المخرجين طوال تاريخ السينما المصرية، يجري العاملون فيها جهودا كبيرة لحصر هذه الأفلام، خاصة أن ما لم يستخدم منها أكثر مما استخدم بالفعل، ومنها كنوز تاريخية حقيقية تتعلق بحضارتنا وتاريخنا مثل معبد أبي سمبل وغيره.. وسيجري عمل تصنيف وترميم لهذه النيجاتيفات لتصبح جاهزة لتسويقها وبيعها لمن يريد من المهتمين.

دخل مادي

وأشار إلى مشروع آخر لتطوير ما يسمى بقاعة الوزير، التي كان وزير الثقافة يشاهد فيها العروض الخاصة للأفلام، علما بأن مشروعا سابقا لتطويرها فشل تماما لتتحول للأسف إلى مخزن للمهملات.. وقال إنه جرى تنظيفها تمهيدا لتنفيذ مشروع التطوير الجديد الذي يشارك فيه مهندس الديكور فوزي العوامري، الموظف بالمركز، والذي يستهدف تحويل القاعة إلى مركز عالمي للمهرجانات يضم قاعات عرض للسينما والفيديو وصالة عرض مفتوحة ومركزا صحفيا حديثا وكافيتيريا وكل ما يلزم المهرجانات الدولية.. وأوضح أن استخدام المركز المقرر إنشاؤه لن يكون قاصرا على أنشطة "القومي للسينما"، وسيكون متاحا لمن يريد استئجاره لإقامة مختلف المهرجانات وبالتالي تحقيق دخل مادي للمركز.

وردا على سؤال حول حلم كل سينمائي بوجود "سينماتيك" مصري - على غرار السينماتيك الفرنسي الشهير - يحفظ تاريخ السينما المصرية ويكون مرجعا للباحثين والمهتمين، قال مجدي أحمد علي إن المشروع قائم، وإن الدكتور خالد عبد الجليل، الرئيس السابق للمركز، سار فيه خطوات تم خلالها الاتفاق مع الجانب الفرنسي على بروتوكول التنفيذ، وتم اختيار قصر الأمير طوسون لإقامة السينماتيك، وزاره الجانبان بالفعل لتفقده ورفع مقاساته.. وأوضح أن عبد الجليل سيتولى استكمال المشروع، وسيشارك فيه من المركز خبراء ترميم الوثائق والأفلام.

وأشار إلى أن هناك أيضا رغبة في عمل متحف للسينما المصرية، موضحا أن هناك فرقا بين المتحف والسينماتيك، وأن هناك حاجة لهما معا، سواء في موقع واحد أو في موقعين منفصلين، بشرط الالتزام بالقواعد العلمية المعروفة لحفظ الأفلام، مثل الابتعاد عن الرطوبة وتوفير درجة حرارة معينة... إلخ. وقال إنه يمكن عمل أكثر من سينماتيك في أكثر من مكان، وإنه يمكن التنسيق مع هيئة الآثار لاختيار مواقع أثرية لإقامة مثل هذه المشروعات.

فوضى عارمة

وعما إذا كانت الأفلام نفسها موجودة وفي حالة جيدة لحفظها في السينماتيك في حالة إقامته، قال رئيس المركز القومي للسينما إن الأفلام بالطبع في حالة سيئة للغاية، وهناك أفلام مفقودة بالكامل وأجزاء تائهة من أفلام أخرى، وهناك بشكل عام فوضى عارمة فيما يخص حفظ وأرشفة الأفلام لأنه لا يوجد حاليا "أب" للسينما.. لكن عندما يوجد مشروع خاص بتوثيق السينما المصرية ويعين مدير متفرغ له، سيتولى عمليات البحث والترميم وغيرها لأنه سيكون شغله الشاغل، أما الآن فليس هناك من يمكن سؤاله ومحاسبته عن ذلك.. وأضاف أن هذا المدير يجب أن يكون خبيرا كبيرا متخصصا، على أن يتقاضى راتبا عاليا مقابل تفرغه.

وأوضح أن المركز يحتفظ بأشرطة النيجاتيف الخاصة بالأفلام التي أنتجها، وأن نيجاتيف الأفلام الأخرى موجود في ثلاجات شركة السينما.. سألته إن كان القانون يلزم المنتجين بتسليم نسخة من أفلامهم للدولة، فقال إنه لا يلزمهم سوى بتسليم نسخة بوزيتيف، وهي قصيرة العمر جدا بالمقارنة مع النيجاتيف، علما بأن المنتجين عادة ما يختارون أسوأ النسخ لتسليمها.. ودعا مجلس الشعب إلى إصدار قانون يلزم المنتجين بتسليم ما يسمى بنسخة "ديوب نيجاتيف"، مشيرا إلى أن العقود التي سيبرمها المركز مع صناع الأفلام الفائزة أخيرا بدعم الدولة المادي ستلزمهم بتسليم هذه النسخة.

نحن إذن لا نضمن - حتى في حالة إنشاء السينماتيك - أن تتوفر النسخ الأصلية لجميع الأفلام المصرية، فضلا عن أن المشروع، كما قال مجدي أحمد علي، سيستغرق وقتا طويلا جدا لإيجاد وترميم وحفظ النسخ، وسيكون مكلفا للغاية، فنسخة "الديوب نيجاتيف" تتكلف 70 ألف جنيه في المتوسط، وهناك حوالي 4 آلاف فيلم مصري، لذلك يقترح تنفيذ المشروع على مراحل قد تستغرق سنوات طويلة.

ميزانية محدودة

وفيما يتعلق بالإنتاج، أكد مجدي أحمد علي أنه ما زال قاصرا في المركز على الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة وأفلام التحريك، ولم يصل بعد إلى الأفلام الروائية الطويلة نظرا للميزانية المحدودة، وإن لم يستبعد حدوث ذلك في المستقبل، قائلا إنه لو استمر في رئاسة المركز بعد الموعد المقرر لإحالته إلى المعاش خلال شهور قليلة، فسيكون من بين طموحاته إنتاج الأفلام الروائية الطويلة.

ومن بين الخطوات الطموحة على الطريق الصحيح، التفكير في قناة فضائية تابعة لوزارة الثقافة، وللمركز القومي للسينما تحديدا، لعرض إنتاجه وإبراز أنشطته وجهود مبدعيه.. وكذلك العمل على تسويق أفلام المركز، التي قدمها عبر تاريخه كبار مخرجي السينما المصرية، في محطات التليفزيون العالمية، مع ما يتطلبه ذلك من ترميمها وترجمتها.

وردا على سؤال حول فرص استمرار مشروع دعم الأفلام، الذي أعلن أخيرا عن أسماء الفائزين به، والذي تبلغ ميزانيته 20 مليون جنيه، قال إن كل الأمور في الدولة الآن على كف عفريت، وإن أحدا لا يضمن استمرار نفس السياسة، وإن كان سيسعى للحفاظ على حقوق السينمائيين المكتسبة، وسيعمل ليس فقط على استمرار المشروع، ولكن أيضا على زيادة ميزانيته.. وأضاف أنه لأول مرة يتم دعم 12 فيلما روائيا طويلا، و15 روائيا قصيرا، وستة أفلام تسجيلية، وثلاثة أفلام تحريك، معربا عن أمله في أن تلتحم الدورة المقبلة من مشروع الدعم بالدورة الحالية لتشكلا معا موجة جديدة من الأفلام المصرية الجادة والمتميزة التي من شأنها إحداث التوازن في السوق السينمائية مع الأفلام السائدة.

عشرة أضعاف

وأكد أن من حق أي سينمائي التقدم إلى المركز لإنتاج فيلمه التسجيلي أو القصير، طالما كان مشروعه جيدا وجادا، وإن كانت الأولوية بالطبع لأبناء المركز من المبدعين في حالة التساوي في معايير الجودة، التي تأتي في المقام الأول بطبيعة الحال، لأن الميزانية لا تكفي لإنتاج كل الأفلام المتقدمة.. وكان من الطبيعي هنا أن أسأل عن هذه الميزانية، فقال مجدي: "لا أريد أن أصدمك، لكن ميزانية المركز كله 12,5 مليون جنيه، منها نصف مليون فقط للإنتاج، لأن لدينا كما ضخما من الموظفين والكوادر كما أوضحت من قبل.. المركز فيه 500 موظف، ورأيي الشخصي أنه يمكن أن يعمل بكفاءة بخمسين موظفا فقط، أي أن لديّ عشرة أضعاف العمالة التي أحتاجها فعلا".

لا تعليق، فكلام الرجل يعبر بوضوح عن نموذج لمبدع مصري يحاول بإخلاص خدمة سينما بلاده، وبلاده بشكل عام، لكن يواجه تلالا من الصعوبات والمشكلات والمعوقات البيروقراطية.. فهل يجد لدى من في أيديهم مقاليد الأمور من يعينه على أداء مهمته وتحقيق طموحاته؟

أسامة عبد الفتاح يكتب:

"انفصال" الإيراني.. أحدث ضحايا هجمات المتأسلمين

** الجماعات المتطرفة وراء منع عرض أفضل أفلام الأوسكار الأجنبية بكلية الصيدلة

** اتهام الفيلم بنشر الفكر الشيعي والعلماني ونصرة نظام الرئيس السوري!!

لم يحمل الأسبوع الفائت سوى المزيد من أنباء وأحداث الاعتداء على حريات الرأي والتعبير والإبداع، في استمرار للمؤشرات الخطيرة على المستقبل المظلم لهذه الحريات في مصر ما بعد الثورة، خاصة بعد اكتساح المتأسلمين للانتخابات البرلمانية.. فبعد الحكم الذي قضت به إحدى محاكم القاهرة في الثاني من فبراير الماضي بحبس الفنان عادل إمام ثلاثة أشهر وتغريمه ألف جنيه لإدانته ب "الإساءة إلى الإسلام" في أكثر من عمل سينمائي ومسرحي، وطرد فريق عمل مسلسل "ذات" من كلية الهندسة بجامعة عين شمس - في الثامن من فبراير - بسبب اعتراض طلاب متشددين على "الملابس القصيرة" للممثلات، ورفض وزارة الأوقاف - أوائل الشهر الحالي - تصوير بعض مشاهد فيلم "فرش وغطا" بجامع السيدة نفيسة، انضم الفيلم الإيراني "انفصال"، الفائز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي الشهر الماضي، إلى قائمة ضحايا الفكر الرجعي المتطرف، رغم أنه فيلم "محجب"، شأن كل الأفلام الإيرانية!



فقد منعت إدارة كلية الصيدلة بجامعة القاهرة عرض الفيلم في أحد مدرجاتها الثلاثاء الماضي، وتعددت الأسباب التي ترددت في وسائل الإعلام، من دون تأكيد أو إعلان رسمي من قبل مسئولي الكلية، ومنها أن الفيلم "ينشر الفكر الشيعي"، وأن عرضه يعد تأييدا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، لأنه مدعوم من نظام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد!



وقال محمد صابر، مقرر أسرة "ألوان" بالكلية: "كان من الطبيعي أن يتم إلغاء الأنشطة الطلابية الجامعية بتعليمات أمنية قبل الثورة، لكن الأمر يتم الآن وفقا لتعليمات إخوانية - سلفية"، وذلك بعد فشل أعضاء الأسرة في إقناع إدارة الكلية بعرض الفيلم الإيراني ضمن أنشطة الأسرة الطلابية التي تهدف إلى الرقي بالثقافة السينمائية والفنية لدى طلبة الكلية عن طريق عرض أفلام سينمائية ووثائقية من مدارس السينما المختلفة حول العالم.

شرط غريب

وجاء تعنت الرقيب الجامعي رغم حصول الأسرة الطلابية على موافقة كتابية من وكيل كلية الصيدلة، الدكتورة رمزية البقري، على حجز أحد مدرجات الكلية لعرض الفيلم، بعد أن شاهدته ووافقت عليه. وأشار صابر إلى أن الجدل حول عرض الفيلم بدأ مع الإعلان عن العرض، حيث اعترض طلاب التيارات المتأسلمة بدعوى إسهام العرض في نشر الفكر الشيعي ونصرة بشار ضد سوريا، بالإضافة إلى نشر الفكر الإلحادي والعلماني!

وأضاف مقرر "ألوان" أنه فوجئ مع رفاقه باستدعائهم لمكتب وكيل الكلية التي طالبتهم إدارتها في البداية بإلغاء العرض، ثم وافقت على عرضه بشرط تعهد الطلاب كتابيا بمسئوليتهم الشخصية عن تأمين العرض وإلغائه في حالة حدوث أي شكوى.. وقال: "وافقنا رغم غرابة الشرط الذي وضعته إدارة الكلية، لكننا فوجئنا باستدعائنا مرة أخرى إلى مكتب عميد الكلية الدكتورة عزة أغا التي أخطرتنا بإلغاء العرض دون مناقشة، وبررت ذلك بحجة أن الكلية ليست دار عرض، وليست مكانا لمثل هذه الأنشطة، ولا توجد جدوى أو فائدة من عرض فيلم داخل الكلية، بالإضافة إلى تذرعها بأن قصة ومحتوى الفيلم لا يتناسبان مع الكلية".

واستنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان موقف إدارة كلية الصيدلة، وقالت - في بيان - إن الفيلم الذي حاز على العديد من الجوائز الدولية المهمة، لقيمته الفنية وعمقه الإنساني، لا يحمل طابعاً سياسياً أو دينياً قد تتذرع إدارة الكلية بهما لمنعه، بل يناقش فكرة الصراع الناتج عن الاختيار بين الهجرة أو البقاء والانتماء للوطن والأسرة، لذا وجدت الشبكة العربية أن موقف الكلية جاء متعسفا، ومناهضا لحرية الإبداع الفني، خاصة أنها سبق ومنحته تصريحاً بالعرض بعد مشاهدته كاملاً، ولكنها تراجعت بناء على اعتراض جماعات متشددة داخل أسوار الجامعة، مما تسبب في غضب الطلبة الذين فشلوا في إقناع القائمين على إدارة الكلية بعرضه في إطار النشاط الطلابي الثقافي.

منطق متشدد

ورغم أن الجماعات المتشددة، التي حاربت عرض الفيلم داخل الكلية، استندت في منطقها إلى أنه يدعو لنشر الفكر الشيعي في مصر ونصرة نظام بشار الأسد ضد سوريا ونشر الفكر العلماني - وهذا ما لم يرد في الإطار الدرامي للفيلم ولم يشر إليه من قريب أو بعيد - إلا أن رضوخ إدارة الكلية لهذا الآراء، يأتي ضربة لحرية الإبداع، لاسيما أن الجامعات يفترض أن تكون حائط الصد الأول في أي مجتمع ضد دعاوي التشدد والرقابة على الإبداع الفني أو الأكاديمي أو الأدبي.

وقال البيان: "إن تأصيل مبدأ حرية الإبداع يبدأ من داخل العملية التعليمية، فكيف نشجع طالباً على الإبداع وحرية الرأي والتعبير إذا كنا نحاربه ونقمعه في سنوات دراسته؟"، مشيرا إلى أن الجامعات المصرية يجب أن تتخلص من دور الرقيب الذي رسمه لها النظام السابق، وألا تنساق وراء أي اتجاه متشدد يعيدها إلى العصور الظلامية، فالفن هو ضمير الأمم، ولا يجب منعه بناء على أفكار دينية أو سياسية، بل نقده وفقا للمعاير الأدبية والإبداعية فقط".

وانضم الكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد كتاب مصر، إلى فريق المنددين، محذرا من المحاولات المتكررة والمتصاعدة مؤخرا للاعتداء على حرية الإبداع وعلى حق الفنانين في ممارسة عملهم والتعبير عن أفكارهم بحرية. وندد بالهجمة التي تستهدف مصادرة حق الشعب في التعرف على الإنتاج الفكري والإبداعي لغيره من الأمم بدون قمع أو رقابة أو خطوط حمراء طالما يأتي ذلك في إطار القانون واحترام قيم المجتمع والحريات، مشيرا إلى واقعة منع الفيلم الإيراني، وإلى وقائع أخرى مؤسفة مثل منع تصوير فيلم "فرش وغطا" في جامع السيدة نفيسة، ومنع اتحاد الإذاعة والتليفزيون - بتعليمات من وزير الإعلام - إذاعة أغنية ''مطلوب زعيم'' لفريق ''كاريوكي'' الغنائي الشبابي، والتي تعكس رأى الشباب في مواصفات رئيس بلادهم القادم. وقال إن أسلوب المنع والمصادرة كان من بين أسباب سقوط النظام السابق، وإن الإعلام الوطني يجب أن يعكس آراء وإبداعات المصريين على اختلاف توجهاتهم، خاصة إذا كانت هذه الإبداعات من إنتاج شباب الثورة. 

مفاجأة

وفي إطار استمرار المؤشرات المؤسفة، شهد الأسبوع الماضي مفاجأة فجرها المخرج أحمد عبد الله بتأكيده أن وزارة الأوقاف ما زالت على موقفها الرافض تصوير بعض مشاهد فيلمه الجديد "فرش وغطا" في جامع السيدة نفيسة، نافيا كل ما تردد في وسائل الإعلام قبل أيام عن صدور موافقة الوزارة على تصوير الفيلم بعد دراسة الموضوع واستجابة لمطالب السينمائيين والمثقفين، والتي تم التعبير عنها في عدة بيانات تدين موقف "الأوقاف" وتطالب بالسماح بتصوير الفيلم بالمسجد احتراما لحرية التعبير والإبداع.

وقال عبد الله، في تصريحات ل"القاهرة"، إنه لا يعرف مصدر شائعة السماح بتصوير الفيلم، حيث لم يصدر عن أي من صناع الفيلم، أو حتى عن الوزارة، ما يفيد بذلك. وأوضح أنه توجه إلى الوزارة بعد نشر هذه الشائعة ليعرف مصير الفيلم، فقيل له إنه لا توجد موافقة حتى الآن، وإن الموضوع ما زال تحت الدراسة، وطُلب منه أن يعود يوم الخميس الماضي لمعرفة القرار النهائي، ففعل، إلا أن مسئولي الوزارة قالوا له إن "الشيوخ" لم يفرغوا بعد من دراسة الموضوع، وطلبوا منه مجددا الحضور أمس الأول (الأحد) للسؤال.. وحتى مثول الجريدة للطبع، لم يكن قرار "الأوقاف" بشأن تصوير الفيلم قد صدر، ولم تكن غزوات المتأسلمين على حرية الإبداع قد توقفت.

أسامة عبد الفتاح يكتب:

غزوة "السيدة نفيسة".. هجمة جديدة على الإبداع

** الأوقاف تمنع تصوير فيلم "فرش وغطا" بالمسجد بعد أيام من طرد فريق مسلسل "ذات" من جامعة عين شمس

** علماء الأزهر يؤكدون خطأ الوزارة ويعلنون أن حرية الإبداع مكفولة في الإسلام وأن منع التصوير اعتداء عليها

ما زالت غزوات تيار التأسلم السياسي مستمرة، ويبدو أنها لن تتوقف حتى تحقيق أهداف تغيير طبيعة مصر الليبرالية المتنوعة، وإقامة دولة ملالي متأسلمة على غرار إيران وأفغانستان، وفرض ثقافة الخوف والجهل والغيبيات على المصريين.. ومن المفهوم تماما أن تتركز هذه الغزوات على الفن والإبداع، وحرية الرأي والتعبير بشكل عام، فهي الوحيدة القادرة على تنوير الناس، وتبصيرهم بالحقائق، وإفاقتهم من غيبوبة الدجل والشعوذة والدروشة.

هكذا شهدنا في الفترة الأخيرة العديد من العلامات والبوادر التي تنذر بإقامة محاكم تفتيش في مصر لكل من يخرج عن خط التأسلم المرسوم سلفا بعناية من قبل تنظيمات داخلية تدعمها قوى خارجية، مثل "غزوة القضية" التي أسفرت عن الحكم الذي قضت به إحدى محاكم القاهرة في الثاني من فبراير الماضي بحبس الفنان عادل إمام ثلاثة أشهر وتغريمه ألف جنيه بعد أن أدانته ب "الإساءة إلى الإسلام" في أكثر من عمل سينمائي ومسرحي، ومثل "غزوة المسلسل"، التي شنها المتأسلمون بعد هذا التاريخ بستة أيام فقط، حين أقدمت إدارة كلية الهندسة بجامعة عين شمس على طرد فريق عمل مسلسل "ذات" من الجامعة بسبب اعتراض طلاب متشددين على "الملابس القصيرة" للممثلات!



أما أحدث الغزوات، فيمكن تسميتها "غزوة السيدة نفيسة"، حيث منعت وزارة الأوقاف تصوير بعض مشاهد فيلم "فرش وغطا" بجامع السيدة نفيسة، بل أعلن أحد موظفيها منع التصوير في المساجد بشكل عام، رغم أن صناع الفيلم استخرجوا كافة التصاريح اللازمة، كما يوضح مخرجه أحمد عبد الله - في شهادة نشرها على موقعه الإلكتروني - قائلا: "كعادة أي فيلم سينمائي، توجب علينا الحصول على موافقة الرقابة على المصنفات الفنية وإجازتها لنص السيناريو المزمع تصويره تحت عنوان مؤقت (فرش وغطا)، وبناء عليه توجهنا بالسيناريو النهائي للهيئة العامة للرقابة على المصنفات الفنية وتمت إجازة النص من قبلهم بتاريخ ٢٣ يناير ٢٠١٢، ومن ثم فقد تم الحصول على موافقة وزارة الداخلية - التي اطلعت على النص أيضا - ليتسنى لنا التصوير في شوارع القاهرة.. وهكذا فقد استوفى السيناريو كافة ما يلزم من تصريحات من كل الجهات المعنية التي وافقت على تصوير الفيلم ومحتواه بما فيها نقابتا المهن السينمائية والتمثيلية".

تحفظ كامل



وأتفق مع عبد الله تماما في تحفظه الكامل على سلطة الرقابة بشكلها الحالي، وعلى لزوم موافقة الداخلية على تصوير كل فيلم، ومطالبته بأن ينتهي دور الرقابة المسبقة على النصوص والأفكار، وأن يصبح دور الرقابة محصورا في الموافقة على العروض العامة.. ورغم ذلك التحفظ، فقد آثر المخرج وباقي صناع الفيلم اتخاذ المسلك التقليدي المعتاد حتى يأتي وقت اتخاذ موقف جماعي في اتجاه تغيير شكل منظومة الرقابة وسلطة الداخلية، وحصلوا على التصاريح كاملة بلا نقصان للشروع في التصوير.

الفيلم يؤرخ لثلاثة أيام من حياة سجين يهرب من محبسه، و يتحرك البطل (الذي يؤدي دوره الممثل آسر ياسين) خلال هذه الفترة بين عدد من المواقع في القاهرة، ويحدث في القصة أن يبيت ليلته الأولى في أحد المساجد ذات الأضرحة، وبالتالي كان من اللازم أخذ موافقة وزارة الأوقاف، وهي موافقة روتينية اعتادت الوزارة منحها للأفلام التي يتم تصوير أجزاء منها بداخل مساجد، ويتم ذلك بتقديم سيناريو الفيلم المجاز من الرقابة وموافقة الداخلية ويتم دفع رسم معين وفقا لكل مسجد.

لكن صناع الفيلم فوجئوا بأن مدير مكتب وزير الأوقاف يرفض إنهاء الأوراق، ويؤكد أن التصوير في المساجد "مخالف للشريعة الإسلامية"، وحين سألوه إن كان هناك ما يراه مخالفا للشرع في السيناريو عامة أو المشاهد المصورة في المسجد تحديدا، أجاب بأنه قرار نهائي يسري على أي فيلم سينمائي، وأن المساجد ليست مكانا للتصوير في العموم.. وحاولوا مناقشته بأن المساجد هي بيوت الله، وأنهم لا ينوون ولا يوجد في النص ما يخالف الشريعة أو يسيء لقدسية مكان العبادة، وأن التصوير سيتم أثناء الليل بين صلاتي العشاء والفجر، وبالتالي فلن يكون هناك أي تعطيل للشعائر، كما أن المساجد ذات الأضرحة هي جزء من تراث شعبي يكاد يتجاوز الدين، ولا يحق لأحد منع الفنون من صياغة أعمال تتعرض لذلك. لكن الموظف أصر على الرفض بشكل قاطع، وعندها قرر أصحاب الفيلم الرحيل مطالبين بإعطائهم رفضا رسميا من قبل الوزارة يوضح كافة الأسباب التي قالها الموظف، فطلب منهم العودة في اليوم التالي لاستلام الرفض.

شاهد على الواقعة

سمع صناع الفيلم الكلام وعادوا في اليوم التالي، ليفاجأوا بوجود نائب برلماني تم تعريفه لهم على أنه من نواب حزب "الحرية والعدالة".. وأفاد مدير مكتب الوزير في حضور مدير أمن الوزارة بأن الوزير أكد رفضه مبدأ التصوير بشكل عام، وكان نائب الإخوان حاضرا وكأنه موجود ليتم إشهاده على الواقعة وموقف الوزارة، أو كأن له صفة رسمية مجهولة.. وأكد "قادة الغزوة" أن التصوير في دور العبادة مرفوض أيا كان محتواه، وقالوا إن الأفلام ليس مكانها المساجد. وحين أشار المبدعون إلى أن كثيرا من الأفلام عبر تاريخ السينما صورت في المساجد منذ "قنديل أم هاشم" مرورا بـ "أرض الخوف" وحتى "واحد من الناس"، كان الرد حاضرا: "ده كان قبل الثورة.. دلوقتي خلاص".. وقالوا إن الوزير رفض إعطاء أي رفض رسمي و لن يوقع أي ورقة في هذا الشأن.

وأصدرت جبهة الإبداع المصري بيانا قالت فيه إنها تلقت بانزعاج بالغ ودهشة قرار منع التصوير، وإن هذا الموقف يثير أسئلة عديدة حول موقف وزارة الأوقاف من فن السينما ومن الفنون عامة.. ولفت البيان إلى أن الفن كان دائماً حليفاً للأديان على مر التاريخ وشاهداً على عظمتها، واستشهد بمعالم الحضارة الإسلامية في الأندلس التي ذهبت بعد انهيار دولة الخلافة هناك، في حين بقيت النقوش والكتابات الإسلامية على جدران الحمرا وغرناطة شاهدة على ذلك العصر.. وأضاف أنه على مر التاريخ الحديث، تهافت العديد من المخرجين التسجيليين والروائيين على التصوير في مساجدنا الأثرية مؤرخين قيمتها الدينية والتاريخية في أعمال أدخلت تلك المساجد بيوت المصريين والعالم أجمع من خلال الوسيط البصري، مشيرا إلى أن الأزهر أصدر - منذ شهور قليلة - وثيقة تاريخية في دفاعها عن حرية الفنون وحرية الإبداع، وأن أحدا لا يمكن أن يزايد على الأزهر في تشريعه.

كما أصدر أعضاء لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة بيانا أعربوا فيه عن استنكارهم وقلقهم الشديد تجاه الإجراءات التعسفية ضد التصوير السينمائي في مصر، وقالوا إن المساجد الشامخة التي تعد من عيون الفن الإسلامي، ستُمنع من التصوير على أيدي كهنة جدد متطوعين وخارج نطاق مؤسسة الأزهر التي تعد المرجعية الدينية الوحيدة في هذا الشأن، في نوع من المزايدة الرخيصة المتملقة في غير موضعها لتيار التأسلم السياسي في مصر.

موقف مشرف للأزهر

والدليل على صحة موقف المبدعين في هذه القضية، حتى من الناحية الدينية، أن بعض علماء الأزهر الأجلاء انتصروا لحرية التعبير، وخالفوا "قادة الغزوة" من مسئولي وزارة الأوقاف في الرأي، حيث قال الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن تصوير المسلسلات والأفلام داخل المساجد حلال شرعا وجائز طالما أنها ليست مخلة أو مخالفة لتعاليم الإسلام والآداب العامة.. وأكد - في مداخلة تليفزيونية هاتفية - أن وزارة الأوقاف ارتكبت خطأ برفضها تصوير فيلم "فرش وغطا" داخل مسجد السيدة نفيسة انطلاقا من أن حرية الإبداع مكفولة وحث عليها الإسلام.

ومن ناحيته، قال الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر - في مداخلة أخرى - إن حرية الإبداع حث عليها الإسلام ولا يجوز الاعتداء عليها، وإن منع تصوير الفيلم يعد اعتداء على حرية الإبداع، مشيرا إلى إن الإبداع ليس حراما وبالتالي فالتصوير داخل المساجد جائز شرعا طالما أن العمل متفق مع تعاليم الإسلام وآدابه العامة.

هناك ضوء إذن في نهاية النفق المظلم، لكن الأجواء العامة ضبابية وكئيبة ومحبطة، ومن السهل أن يلعب في ظلها المتأسلمون على وتر الدين لاستقطاب الناس وتحقيق أغراضهم السياسية والاقتصادية الضيقة تحت شعارات مرسلة ودعاوى مضللة، ولابد من تكاتف جميع القوى المدنية والوطنية الحرة للوقوف في وجه هذه الهجمة الرجعية الشرسة، لأن وطنا بلا حرية تعبير هو أمة بلا ضمير، وقوما بلا إبداع هم شعب بلا ذاكرة ولا وجدان.